الرحمة.. فـي القرآن كتب على نفسه.. الرحمة
جاءت هذه البشرى بان الله تعالى كتب او الزم نفسه او ذاته سبحانه وتعالى بالرحمة ينشرها على خلقه.. كل خلقه دون استثناء، ذلك اننا لا نرى في ظاهر النص او باطنه أي استثناء يدلل على تخصيص هذه الرحمة التي كتبها سبحانه وتعالى والزم بها نفسه، لفئة معينة دون فئة، لا بل ان السياق الذي جاء خلاله هذا الالتزام الذي ورد على امتداد القرآن الكريم مرتين، هذا السياق يؤكد عمومية الرحمة وامتدادها لتشمل بشكل خاص ان كان لا بد من التخصيص اولئك الذين اوغلوا في الخطأ فكانوا الاكثر حاجة للرحمة.
جاء هذا الكتاب او الالتزام بالرحمة في المرتين في سورة الانعام، الاولى عبر ما نصت عليه الآية12: قل لمن ما في السموات والارض، قل لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم يوم القيامة لا ريب فيه، الذين خسروا انفسهم فهم لا يؤمنون .
والمرة الثانية في سياق الآية 54 من السورة ذاتها: واذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة انه من عمل منكم سوءاً بجهالة ثم تاب من بعده واصلح فانه غفور رحيم .
فاذا تناولنا كل كتب من هذين الكتابين على حده، نجد ان الاولى جاءت في سياق مقدمة حملها النص، جاء مبتدأها سؤال قل لمن ما في السموات والارض ثم تبعه الجواب قل لله واضاف النص هنا صفة تجاوزت ما اعتدنا عليه من صفات الله تعالى، مثل الرحمن او الرحيم او العزيز او الغفار او غير هذا من صفات عديدة نقلها النص القرآني، وجاءت كتب على نفسه الرحمة ، لتقدم لنا صفة او حال غير مسبوقة بان مالك من في السموات والارض الذي يقدر الوعي على ادراك كنهه من ادراك مكونات السماوات والارض، هذا الإله الخالق الباري المالك لكل مقدرات الكون، كتب على نفسه الرحمة، لماذا كتبها واتى بها هنا؟ لتكون في مقدمة الاشارة الى يوم القيامة. على ماذا يقوم يوم القيامة، على الحساب والميزان ومن ثم الثواب والعقاب، وهنا تمس حاجة كل موجودات السماوات والارض لهذه الرحمة التي عرفناها بانها عطف من قادر مطلق القدرة على ضعيف هو في موقف تمس حاجته الى رحمة لا يقدر عليها في هذا الموقف الا الله تعالى، ذلك ان كل من عداه يتطلعون الى هذه الرحمة.
يبقى تأويل كتب على نفسه الرحمة بحثا عن الدلالة في هذا النص الذي ابان بان الله تعالى كتب وجاء الكتاب هنا على نفسه وما تمت كتابته رحمة هي في الحقيقة، لفظ يعبر عن كل ما عرفه الانسان من معاني الاخذ بيد محتاج واغاثته ومنحه ما يبعث في نفسه طمأنينة في اعظم المواقف عنتا وقلقا وخوفا وقلقا في موقف انتظار نقلت الينا نصوصا موثقة كيف يكون الحال فيه.. ذلك انه يوم القيامة.
المفضلات