*** الإســــــــــراء والمعراج ..... !!! ***
في السابع والعشرين من رجب يطيب الحديث وتطيب الكتابة عن تلكم الحادثة الخالدة في سجل العالمين العربي والإسلامي التي عكست عظمة الخالق وجسدت سمو المكانة التي اصطفاها لرسوله الأعظم تسرية وتسلية واحتفاء به في ملكوت السموات بعد أن لاقى الرفض والتعذيب وعنت القوم ووفاة زوجته وعمه ولجوئه إلى الله مناجيا لما يلقاه من أهل الأرض فيقول له ربه ولا تك في ضيق مما يمكرون، إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون إن للإسراء والمعراج أهمية قصوى في التاريخ العربي والإسلامي على مر العصور السالفة والقادمة، فهي إحدى معجزات النبوة وحقيقة ساطعة من حقائق الرسالة المحمدية التي جاءت بالخير وبشرت بالإخاء الإسلامي وحثت على التسامي والترفع والتسامح والعفو والمغفرة وحفظت كرامة الإنسان، فالإسراء والمعراج حدث مهم ورحلة نبوية بتدبير الهي ترمز في طياتها إلى ابعد من حدود الزمان والمكان و تتضمن معاني جليلة اكبر من تلك التي يلتقطها المرء بمجرد نظرة أولية للحدث، و يتجلى ذلك في التمعن في الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي كان في جزء من الليل وفراش الرسول علية السلام لم يبرد حتى عاد إليه وبين ذلك عرج به إلى سدرة المنتهى ليرى من آيات ربة الكبرى، وفي ذلك كان الدرس الأول الدال دلالة قاطعة على القدرة الخارقة لله الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهي القناعة الراسخة لدى كل مسلم والتي لا تتقاذفها الشبهات ولا تتنازعها الأهواء مهما بلغت دعوات الإلحاد ومذاهب الهدم والسلبية ومحاولاتها البائدة بإلقاء ظلالها الكئيبة ونشر مناخات الحقد والكراهية بين فئات المجتمعات الإنسانية.
إن الارداة الربانية التي شاءت للإسراء أن يكون إلى المسجد الأقصى لتبدأ من رحلة المعراج ينبغي أن تشدنا إلى قيم علوية نقف معها على أهمية العلاقة بين المسجدين الحرام والأقصى بالنسبة لبني العالم المسلم تحديدا والتي تؤشر إلى انتقال قيادة الأمة إلى نبوة عالمية جديدة ليست كالنبوات السابقة التي أرسل فيها كل نبي إلى قومه بل أنها عامة لكافة الناس ورحمة للعالمين قاطبة، وهي كذلك تدلل على عظمة القدس ومقدساتها التي كان فيها إبراهيم وإسحاق وموسى،فهذان المسجدان مرتبطان بوجدان المسلم وعقلة وقلبه ولا تفريق بينهما ولا تفريط بهما.
لقد تشرّب الأردن روح الإسراء والمعراج واسهم في تأمين مستلزمات النهضة الفكرية والروحية التي احتاجتها الأمة العربية لضبط مسيرتها وتقويم خطاها، وكانت فلسطين القدس والمسجد الأقصى حاضرة في ثوابت ومبادئ رسالة الهاشميين الذين استوعبوا فحوى الحادثة العظيمة وعرفوا أنها اختبار لصدق المؤمنين وتمحيص لصفهم وامتحان ليقينهم، وما أشرت إليه كذلك من أهمية خالدة للمسجد الأقصى في الدين وفي عقيدة المسلمين وحياتهم، فكان الدفاع عن الأقصى والمقدسات لتخليصه من نير الظلم والاحتلال ورد الهجمة الصهيونية عنه، يشكل أولوية باقية في سجل القيادة الهاشمية التي ما وهن فيها العزم وما كلّ لفك أسره وارجاعه إلى حوزة المسلمين.
إن الرؤية الأردنية تجاه فلسطين ومقدساتها كانت ولا تزال مسألة مبدئية واضحة باعتبارها قضية الأردن الأولى، وضمن هذا النهج احتل المسجد الأقصى والمقدسات عامة أولوية ثابتة على أجندة الملك المعزز عبد الله الثاني فكانت اوامره السامية بمعالجة المرضى وتزويد مساجد فلسطين بعشرات الآلاف من نسخ المصحف الشريف تجسيدا لنظرة هاشمية ملكية لأهمية المساجد وقدسيتها وعلى الأخص في فلسطين باعتبارها مراكز إعداد وتربية للنشء ونقاط إشعاع فكري وعلم نير ومدارس رائدة تحافظ على الأخلاق و القيم والموروث الثقافي والحضاري للأمة العربية والإسلامية.
المصدر
جريدة الراي الاردنية
المفضلات