شهدت هذه الفترة عودة الحياة النيابية واتخاذ مواقف سياسية حاسمة والاهتمام بالتطوير الداخلي والتنمية الاقتصادية فقد صدرت الارادة الملكية السامية بدعوة مجلس الامة التاسع الى دورة استثنائية في 9 كانون الثاني 1984م لبحث تعديل الدستور،واقر المجلس ثلاثة تعديلات تمنح الحق لجلالة الملك بان يعيد المجلس المنحل،وان يأمر باجراء الانتخابات في نصف عدد الدوائر،وان يتولى مجلس النواب ملء شواغر النواب الذين يتعذر ارجاء انتخابات في دوائرهم .
- عقد انتخابات نيابية فرعية في الضفة الشرقية (نصف دوائر الانتخاب) يوم 12 اذار 1984 لملء المقاعد الشاغرة، وبعد التئام مجلس النواب جرت انتخابات داخل المجلس لملء المقاعد التي شغرت الممثلة للضفة الغربية وكان عددها ثمانية مقاعد .
- ونستهل هذا العقد بانعقاد مؤتمر القمة العربية الحادية عشرة في عمان في الفترة بين 25-27 تشرين الثاني 1980م وقد القى جلالة الملك الحسين خطاباً في افتتاح القمة قال فيه ان تزايد الحرص على المصالح القطرية على حساب المصالح القومية هو الذي يؤدي الى نشوب الخلافات، ومن ابرز قرارات المؤتمر المصادقة على عقد التنمية العربية المشترك لتسريع التنمية في البلدان العربية خلال العشرين سنة القادمة وبرأسمال قدره خمسة الاف مليون دولار.
- كانت فترة السنتين 1981 و 1982 ساخنة بسبب تباين المواقف ازاء الحرب العراقية الايرانية وازاء ما يجري على الساحة اللبنانية بسبب الصدام بين المقاومة الفلسطينية والسلطات اللبنانية، وكان الاردن في مواقفه يتوخى الاصلاح ويرفض العنف ولكنه كان يقف بحزم الى جانب العراق في حربه ضد ايران .
- كان الاردن الدولة الاولى التي تمد يدها لمنظمة التحرير الفلسطينية بعد خروج الفصائل الفلسطينية من لبنان، فقد اوفد جلالة الملك الحسين يرحمه الله في 3 ايلول 1982م بهجت التلهوني رئيس الديوان ومروان القاسم وزير الخارجية الى اثينا للالتقاء مع ياسر عرفات لوضع صيغة للتحرك الاردني الفلسطيني المشترك في اطار مقررات قمة فاس واقتراحات الرئيس الامريكي ريغان ولكن المنظمة لم توافق في اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني على اية فكرة تهدف اعادة التنسيق مع الاردن.
- اكد الاردن في بيان رسمي صدر في 10 نيسان 1983 احترامه لاستقلال القرار الفلسطيني واحترام القرارات المتخذة في اجتماع اللجنة التنفيذية للمجلس الوطني الفلسطيني في الكويت، وقال البيان ان الاردن يترك للمنظمة وللشعب الفلسطيني ان يقرروا خط سيرهم بانفسهم .
- شـارك جلالة الملك الحسين يرحمه الله في قمة فاس التي انعقدت في دورتيـن: الاول يوم 25 تشرين الاول 1981 والثانية من 6-9 ايلول 1982م، وقد وضع المؤتمر مشروع السلام العربي الذي اخذ بالاعتبار مشروع الرئيس الامريكي ريغان، وتضمن المشروع العربي خمس نقاط نصت على انسحاب اسرائيل من كامل الاراضي المحتلة قبل عام 1967م وازالة المستوطنات من اراض الضفة الغربية واعتبار منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة،وتوفير الضمانات السكانية من قبل مجلس الامن لتحقيق ذلك .
- انبثق عن قمة فاس لجنة عربية سباعية برئاسة جلالة الملك يرحمه الله، وقد قامت هذه اللجنة خلال عامي 1982 - 1983 بجولة واسعة للعديد من الدول لشرح الموقف العربي من عملية السلام .
- طلبت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ان تعقد دورة المجلس الوطني الفلسطيني في عمان وتمت الموافقة، وافتتح جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه المؤتمر في 22 تشرين الثاني 1984م، والقى جلالته خطاباً اكد فيه على الرغبة في العمل بصورة مشتركة للتوصل الى سلام عادل، وقدم جلالة الملك الحسين تصوراً لمبادرة اردنية فلسطينية تقوم على مبادئ التمسك بقرار مجلس الامن رقم 242 ومبدأ الارض مقابل السلام، واجراء مفاوضات من خلال مؤتمر دولي للسلام .
- شارك جميع اعضاء المجلس الوطني الفلسطيني في المؤتمر في عمان رغم ان بعضهم قد اقترف جرائم بحق الاردن ومطلوب للعدالة مثل ابو داؤد وصلاح خلف رئيس تنظيم ايلول الاسود وجمال الصوراني وغيرهم .
- وافقت اللجنة المتشركة المركزية للمجلس الوطني الفلسطيني على الاقتراحات الاردنية، وقام الرئيس ياسر عرفات بزيارة الى الاردن وتم التوقيع على اتفاق في 11 شباط 1985م عرف باسم اتفاق (11شباط) للتحرك المشترك تألف من خمس مواد نصت على مبادئ الارض مقابل السلام وحل مشكلة اللاجئين وحل القضية الفلسطينية من جميع جوانبها .
- خلال قمة الدار البيضاء اب 1985م شرح جلالة الملك الحسين والرئيس عرفات للزعماء العرب اهداف اتفاق 11 شباط واسلوب العمل المشترك المنوي القيام به وعلى اثر ذلك، قام جلالة الملك الحسين بنشاط ديبلوماسي لكسب تأييد عالمي لهذا المشروع فزار الولايات المتحدة والتقى الرئيس ريغان واكد جلالته ان العرب يوافقون على قراري الامم المتحدة 242، 338 كصيغة للوصول الى حل سلمي في اطار مؤتمر دولي، وتم ذلك القبول وطلب جلالة الملك من منظمة التحرير الفلطسينية تزويده باسماء سبعة اشخاص للاشتراك ضمن وفد اردني فلسطيني مشترك،ولكن رفضت امريكا خمسة اشخاص منهم، ومن ثم جاء الرد الامريكي انه ليس بالامكان عقد اللقاء .
- استمر جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه في مسعاه للوصول الى الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني، وفي عام 1986م ذهب جلالته الى امريكا بقصد العلاج وهناك التقى وفوداً امريكية، والنتيجة كانت الحصول على موافقة امريكا لعقد مؤتمر دولي وقبول منظمة التحرير الفلسطينية بشرط موافقتها على قرار 242 ولكن المنظمة غيرت موقفها مما اعتبر اجهاضاً لكل الجهود المبذولة سابقاً، وهنا القى جلالة الملك الحسين خطاباً مطولاً يوم 19 شباط 1986م شرح فيه بالتفصيل الوقائع والاحداث وقال:- انه برفض المنظمة فقد اضاعت فرصة تاريخية ثمينة كان من المحتمل ان تؤدي الى انسحاب اسرائيل من الاراضي المحتلة وقال جلالته انه يرفض هذا التخبط وانه لا يمكن مواصلة التنسيق سياسياً مع قيادة منظمة التحرير حتى تكون للكلمة منها معناها التزاماً ومصداقية وثباتاً ....
- اذاعت منظمة التحرير الفلسطينية بياناً من تونس يوم 8 اذار 1986 ترد فيه على خطاب الملك الحسين وتتهجم على الاردن ومواقفه المشرفه، وكالت الاتهام للاردن، ونشر الاردن البيان بكامله ليعرف الشعب الاردني ما يقوله الاخرون وكان هذا من باب الثقة الكاملة بوعي الشعب الذي يدرك الحقائق .
- قـام جـلالـة الملك الحسـين يرحمه الله خلال الفترة من 24 نيسان - 18 ايار 1988، بزيارة وجولات شملت محافظات المملكة، والتقى بها خلالها مع الشعب وتحدث اليهم ليشرح حقيقة الوضع ويضع الجميع بصورة الاحداث الحقيقية خاصة من سلسلة الاتصالات والاجتماعات مع الجانب الفلسطيني التي لم تسفر عن أي شيء بسبب تقلب الرأي الفلسطيني .
- رغم كل الاحداث والمواقف الضاغطة التي تدعو الى فصل الاردن عن الضفة الغربية والحيلولة دون اداء دوره، ورغم ضعف التنسيق مع منظمة التحرير الفلسطينية لمواقفها المترددة فقد اتخذت الحكومة قراراً بتنفيذ خطة تنموية للاعوام من 1986 - 1990 لتنمية وتطوير الضفة الغربية وهي تحت الاحتلال واعلن وزير التخطيط يوم 16 ايلول 1986م انه خصص لهذه الخطة مبلغ 362 مليون ونصف المليون دينار .
- شهدت عمان مؤتمر القمة العربية الرابعة عشرة في الفترة من 8-11 تشرين الثاني 1987م، وعرفت باسم قمة الوفاق والاتفاق وترأس القمة جلالة الملك الحسين، وقد اصدرت القمة عدة قرارات تناولت عودة العلاقات العربية مع جمهورية مصر العربية والمصالحة الاردنية مع منظمة التحرير الفلسطينية وبحث مسألة الوضع في لبنان وتأييد اجراءات السعودية في حفظ وضبط الامن في موسم الحج، ودعم العراق في تصديه للعدوان الايراني .
- وقف الاردن الى جانب الشعب الفلسطيني في انتفاضته الاولى التي اندلعت يوم 9 كانون الثاني 1987م وقد تشكلت لجان التبرع المختلفـة لتقديم الدعم للانتفاضة، وبلغ ما تم جمعه من الشعب الاردني (8,034,189 مليون) ارسلت للأهل في الارض المحتلة .
- وقف الاردن بقوة وحزم الى جانب العراق في حربه ضد ايران في الفترة من 1980 - 1988م وقدم الدعم الكبير لها خاصة بفتح ميناء العقبة لاستقبال كل المعونات والاسلحة والواردات العراقية، اضافة لتقديم المساعدات الاخرى وقد تشكلت قوات اليرموك الاردنية التي اشتركت في جبهات القتال والمساندة في العراق .
- في 31 تموز 1988م القى جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه خطاباً قومياً شاملاً اعلن فيه فك الارتباط القانوني والاداري مع الضفة الغربية بعد فشل كل المحاولات لتجنب هذا القرار، ومحاولة الاقناع بأن الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينة كممثل شرعي ووحيد سيفقد القضية الفلسطينة بُعدها الدولي،ويؤدي الى التخبط في الاجراءات وحذر جلالته من نتائج هذا القرار الذي ستدفع ثمنه القضية الفلسطينة والشعب الفلسطيني في المستقبل .
- اتخذت الحكومة الاردنية اجراءات مختلفة في اطار فك الارتباط من اهمها قرار مجلس الوزراء باعتبار كل من يقيم داخل الضفة الغربية قبل 31 تموز 1988م هو فلسطيني، وان يمنح هؤلاء جوازات سفر مؤقتة لمدة سنتين .
- اعربت منظمة التحرير الفلسطينة عن ارتياحها للقرارات الاردنية وقام الرئيس ياسرعرفات بزيارة للاردن يوم 22 تشرين الاول 1988م، ولكن برفقة الرئيس المصري حسني مبارك وجري اجتماع عمل شمل القضايا المختلفة واتخذت المنظمة قررارت الاعتراف بقراري الامم المتحدة 242، 338 ونبذ الارهاب والاعتراف بوجود اسرائيل والتقدم بمبادرة سلام فلسطينية وغير ذلك من القرارات التي كان الاردن يطالب ان تخطوها منظمة التحرير الفلسطينية في وقت سابق .
- قررت الحكومة الاردنية في 7 كانون الثاني 1989م اعتبار مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في عمان كسفارة لدولة فلسطين، وحضر الرئيس عرفات احتفال رفع العلم الفلسطيني على السفارة وقال في كلمته " ان الدولة الفلسطينة جزء لا يتجزأ من العائلة الاردنية الواحدة .
- اتفقت الاردن ومصر والعراق واليمن على انشاء اتحاد اقتصادي عرف باسم مجلس التعاون العربي يهدف الى تنشيط التجارة البينية بين هذه الدول وتحرير القيود المختلفة، وتحقيق التكامل في مجالات الصناعة والمال والتجارة والاقتصاد والنقل والمواصلات وما الى غيرها .
- في عام 1990 ابتدأ عهد جديد يدعو الى تعميق الديموقراطية والحرية المسؤولة واطلاق الحريات العامة وصون المال العام ومحاربة الفساد وتجميد العمل بالاحكام العرفية، وقد اعلنت الحكومة في كانون الثاني 1990م عن اجراءات منها وقف الاستئناس برأي المخابرات العامة عند التعيين في اجهزة الحكومة الرسمية واعادة جوازات السفر المحجوزة لاصحابها، واعادة الموظفين المعزولين من اعمالهم لاسباب سياسية الى وظائفهم، والغت الحكومة قانون مقاومة الشيوعية .
- تشكل في 9 نيسان 1990م اللجنة الملكية لصياغة الميثاق الوطني وقد اجتمع اعضاء اللجنة ووضعوا صيغة الميثاق الذي يدعو الى جمع فئات الشعب من الاطياف المختلفة للعمل تحت مظلة الوطن الواحد، وقد فرغت اللجنة الملكية من صياغة الميثاق الوطني في 31 كانون الاول 1990م وتم نشره رسمياً في ذلك اليوم وهو ينص على ترسيخ دعائم القانون وسيادة وتعميق النهج الديموقراطي القائم على التعددية السياسية، وقرر ان العروبة هوية الارادة القومية مثلما ان الاسلام هو عقيدة الامة العربية، واقر الميثاق ان التعددية السياسية والحزبية والفكرية هي السبيل لتأهيل الديموقراطية وتحقيق المشاركة في ادارة شؤون الدولة.
الأردن
الأردن: مواقف ورؤى
1981 - 1990
المفضلات